فيلسوف وعالم ألماني، مؤسس المثالية الكلاسيكية الألمانية ولد وتعلم وعمل في كونيجسبرغ حيث عمل محاضرا ثم أستاذا (70-1796) في الجامعة وهو مؤسس المثالية "النقدية" أو "المتعالية" وقد صاغ – في المرحلة المسماة بالمرحلة "قبل النقدية" (أي قبل عام 1770) فرضه الكوني عن "السديم"، والذي يذهب فيه إلى أن نظام الكواكب نشأ وتطور عن "غيمة سديمية" وفي الوقت نفسه الذي قدم كانط فرضه عن وجود "عالم أكبر" من المجرات خارج مجرتنا، طور نظريات تقهقر دوران الأرض بفعل التمزق الجذري ونسبية الحركة والسكون وقد لعبت هذه الدراسات – التي كانت توحدها الفكرة المادية عن التطور الطبيعي للعالم والأرض – دورا هاما في تشكيل الجدل. وقد صمم كانط – في أعماله الفلسفية في المرحلة قبل النقدية – وتحت تأثير النزعة التجريبية والشكية عند هيوم – الاختلاف بين الأسس الواقعية والأسس المنطقية، وأدخل إلى الفلسفة مفهوم الأجسام السالبة، وسخر من ولع معاصريه بالتصوف والنزعة الروحية" ففي كل هذه الأعمال يتقيد دور المناهج الاستنباطية الشكلية في التفكير لصالح التجربة. في عام 1770 انتقل كانط إلى نظرة الفترة "النقدية" وظهر كتابه "نقد العقل الخالص" عام 1781، وأتبعه بكتابه "نقد العقل العملي" في عام 1788، ثم "نقد ملكة الحكم" عام 1790 وفي هذه الكتب يعرض كانط – بطريقة متماسكة – النظرية "النقدية" في المعرفة والأخلاق وعلم الجمال، ونظرية ملاءمة الطبيعة. وقد برهن كانط في أعماله خلال الفترة النقدية على استحالة بناء مذهب من الفلسفة التأملية ("ميتافيزيقا" باللغة الاصطلاحية لذلك الوقت)، دون دراسة تمهيدية لأشكال المعرفة وحدود قدرات الانسان المعرفية. وقد أفضت دراستها بكانط إلى النزعة اللاأدرية، وإلى التأكيد بأن طبيعة الأشياء كما توجد هي نفسها (أي "الأشياء في ذاتها") غير متاحة – من حيث المبدأ – للمعرفة الانسانية. فالمعرفة ممكنة فقط بـ "الظواهر". أي الطريقة التي تتكشف بها الأشياء في خبرتنا. والمعرفة النظرية الحقة متاحة في الرياضيات والعلم الطبيعي فحسب وتحدد هذا – عند كانط – حقيقة أنه توجد في عقل الانسان أشكال قبلية (أولية) للتأمل الحسي مثل الأشكال الأولية عن الرابطة، أو التركيب، بين تعدد الأشكال الحسية ومفاهيم العقل وهذه – على سبيل المثال – هي أساس قانون ثبات الجواهر، وقانون السببية، وقانون تفاعل الجواهر وعند كانط أنه كامن في العقل شوق لا يمكن قمعه نحو المعرفة المطلقة ناشئ عن متطلبات أخلاقية عليا وتحت ضغط هذا الشوق يسعى عقل الانسان إلى حل مشكلة نهائية أو لانهائية العالم في الزمان والمكان وإمكان وجود عناصر لا تنقسم في العالم وطبيعة العمليات التي تتم في العالم ومشكلة الله باعتباره موجودا جوهريا بصورة مطلقة. وقد اعتقد كانط أن الحلول المتعارضة قابلة للبرهنة عليها بدرجة متساوية: فالعالم متناه ولا متناه؛ والجزيئات التي لا تنقسم (الذرات) موجودة، ولا وجود لمثل هذه الجزيئات؛ وكل العمليات مشروطة سببيا، وهناك عمليات (أفعال) تحدث حرة؛ ويوجد ولا يوجد موجود جوهري بصورة مطلقة وهكذا، فإن العقل بطبيعته تناقضي، أي تقسمه التناقضات ولكن هذه التناقضات ظاهرة فحسب ويتأسس حل هذا اللغز بالحد من المعرفة لصالح الإيمان، بالتفرقة بين "الأشياء في ذاتها" و"الظواهر"، والاعتراف بأن "الأشياء في ذاتها" غير ممكنة المعرفة. وهكذا فإن الانسان – في آن واحد – ليس حرا (كموجود في عالم من الظواهر) وحر (كذات في العالم المجاوز للحس وغير الممكن معرفته)؛ ووجود الله لا يمكن البرهنة عليه (للمعرفة) وفي الوقت نفسه هناك مصادرة الإيمان الضرورية، التي يرتكز عليها اعتقادنا بوجود الأمر الأخلاقي...الخ هذه النظرية في الطبيعة التناقضة للعقل – التي استخدمها كانط كأساس لثنائية "الأشياء في ذاتها" و"الظواهر" وكأساس للاأدرية – أعطت دفعة لتطور الجدل الوضعي في المثالية الكلاسيكية الألمانية ومن ناحية أخرى، بقيت هذه النظرية – في فهمها للمعرفة والسلوك والجهد الابداعي – أسيرة الثنائية واللاأدرية والصورية فقد أعلن كانط – مثلا كقانون أساسي – الأمر المطلق الذي يتطلب أن يهتدي الانسان بقاعدة يمكن - بحكم كونها مستقلة استقالالا مطلقا عن المحتوى الأخلاقي للفعل – أن تصبح قاعدة كلية للسلوك. وفي علم الجمال رد كانط الجمال إلى متعة "نزيهة" لا تتوقف على ما إذا كان الشيء الموصوف في عمل فني وجودا أم لا، ويحدده الشكل وحده ولكن كانط عجز عن تطبيق صوريته بطريقة متماسكة ففي علم الأخلاق – وعلى النقيض من الطبيعة الصورية للأمر المطلق – قدم مبدأ القيمة الذاتة لكل فرد، التي لا ينبغي أن يضحى بها لخير المجتمح ككل؛ وفي علم الجمال – وعلى النقيض من الصورية في فهم الجميل – أعلن أن الشعر هو الشكل الأعلى للفن، لأنه قادر على أن يصور المثل الأعلى...الخ وقد كانت نظرية كانط في دور التطاحنات في السيرورة التاريخية للحياة الاجتماعية والحاجة إلى سلام دائم نظرية تقدمية وقد اعتبر كانط التجارة والاتصالات الدولية، بمنافعها المتبادلة للدول المختلفة، وسائل لاقامة السلام والحفاظ عليه. ورغم ما يعج به المذهب الكانطي من تناقضات فإنه أثر تأثيرا كبيرا في التطور اللاحق لفكر الفلسفي والعلمي. وقد كشف مؤسسو الماركسية اللينينية – في نقدهم لكانط – أن الأسباب الاجتماعية لأضاليله وتناقضاته وتهافته تمتد جذورها في تخلف وضعف البورجوازية الألمانية في ذلك الوقت وقد استغل الفلاسفة المثاليون في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين – ممن استبعدوا الجانب المادي في فلسفة كانط وفي نظريته عن "الشيء في ذاته" – جوانب التهافت فيه واستعاروا نظرياته الخاطئة لتبرير نظرياتهم الرجعية.
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاقسام
- الرسائل والاطاريح
- دواوين شعر عراقي
- دواوين شعر عربي
- روايات عالمية
- روايات عراقية
- روايات عربية
- كتب ادب عالمي
- كتب ادب عربي
- كتب استشراق
- كتب اقتصاد
- كتب التراث السني
- كتب التراث الشيعي
- كتب الجغرافية
- كتب المعتزلة
- كتب تاريخ
- كتب تنمية بشرية
- كتب سياسة
- كتب سيره ومذكرات وتراجم
- كتب سينما وفنون واعلام
- كتب طب بشري
- كتب طب بيطري
- كتب علم النفس والاجتماع
- كتب علوم
- كتب فكر وثقافة
- كتب فلسفة ومنطق
- كتب قانون
- كتب مقارنة الاديان
- كتب موارد بشرية
- موسوعات ومعاجم
ليست هناك تعليقات: