(معناها في اليونانية الصورة أو المفهوم) تجاه فلسفي يتعارض بشكل قاطع مع المادية في حل المسألة الأساسية في الفلسفة، والمثالية تبدأ من المبدأ القائل بأن الروحي أي اللامادي أولي، وأن المادي ثانوي؛ وهو ما يجعلنا أقرب إلى الأفكار الدينية حول تناهي العالم في الزمان والمكان وحول خلق الله له. وتنظر المثالية إلى الوعي منعزلا عن الطبيعة، ونتيجة لهذا فإنها حتما تضلل الوعي الانساني والعملية المعرفية، وهي تدافع – كقاعدة عامة – عن النزعة الشكلية واللاأدرية، وتضع المثالية في موضع النقيض للحتمية (المادية) ووجهة النظر الغائية. وتؤكد الماركسية اللينينية، على النقيض من المادية الميتافيزيقية والمادية الساذجة – التي تنظر إلى المثالية على أنها مجرد عبث ولغو – وجود جذور نظرية المعرفة في أي شكل محدد من أشكال المثالية. ومع تطور التفكير النظري، فإنه حتى أكثر أشكال التجريد أولية يتيح إمكانية المثالية – أي الفصل بين المفاهيم وموضوعاتها. وتتحول هذه الإمكانية إلى واقع فقط في مجتمع طبقي، حيث تنهض المثالية كاستمرار شبه علمي للمفاهيم الخيالية للأساطير. والمثالية على النقيض من المادية تكون ممتدة الجذور عادة في النظرة الشاملة إلى العالم من جانب القاطاعات والطبقات المحافظة والرجعية التي لا مصلحة لها في التفكير الصحيح في الوجود، ولا في تطور قوى الانتاج، ولا في إعادة بناء العلاقات الاجتماعية على نحو جذري. وتسفر المثالية عن صعوبات مطلقة ومحتومة أمام تطور المعرفة الانسانية، ومن ثم فإنها تؤخر التقدم العلمي. وفي الوقت نفسه فإن بعض الفلاسفة المثاليين، باثارتهم تسؤلات جديدة فيما يتعلق بنظرية المعرفة، وبسعيهم إلى فهم العملية المعرفية، كانوا يعطون حافزا لدراسة عدد من المشكلات الفلسفية. فهيغل – مثلا – في جدل التصورات قد "خمن" جدل الأشياء. وتقسم الماركسية اللينينية أنواع المثالية المتعددة إلى مجموعتين: المثالية الموضوعية التي تتخذ من الانطباع الشخصي أو الروح غير الشخصية، وهو نوع من العقل الفردي السامي، أساسا للواقع، والمثالية الذاتية، التي تقيم العالم على أساس فروق الوعي الفردي. ولكن الفرق بين المثالية الذاتية والموضوعية ليس فرقا مطلقا. فكثير من المذاهب المثالية الموضوعية تحتوي على عناصر المثالية الذاتية، ومن ناحية أخرى فإن المثاليين الذاتيين في محاولة للابتعاد على الأنانة كثيرا ما يتبنون موقف المثالية الموضوعية. وقد نشأت المذاهب المثالية الموضوعية أول ما نشأت في الشرق. وكانت فلسفة أفلاطون شكلا تقليديا للمثالية الموضوعية. والارتباط بالأفكار الدينية والأسطورية طابع مميز لمثالية أفلاطون الموضوعية، وللمثالية القديمة بوجه عام. وقد امتدت هذه الرابطة حتى بداية عصرنا هذا، وعلى امتداد أزمة المجتمع القديم عندما ظهرت الأفلاطونية الجديدة. وقد تداخلت الأفلاطونية الجديدة إلى حد كبير أيضا مع الصوفية المتطرفة، وأصبحت هذه السمة أكثر شيوعا خلال العصور الوسطى، عندما أخضعت الفلسفة خضوعا تاما للاهوت المسيحي وعلم الكلام الاسلامي (أنظر القديس أوغسطين وتوما الأكويني). وقد أصبح المفهوم الأساسي للفلسفة المثالية الموضوعية المدرسية (السكولائية) – بعد توما الأكويني – هو مفهوم الشكل غير المادي، الذي كان يعالج على أنه العامل القوي الذي يحقق إرادة الله، الذي دبر العالم بحكمته، فجعله محددا في المكان والزمان، وابتداء من ديكارت أخذت المثالية الذاتية تزداد انتشارا في الفلسفة البورجوازية مع ازدياد قوة الدوافع الفردية. وقد أصبح الجزء الخاص بمبحث المعرفة في فلسفتي بيركلي وهيوم التعبير التقليدي عن المثالية الذاتية. أما في فلسفة كانط فإن التأكيد المادي لاستقلال "الأشياء في ذاتها" عن وعي الذات قد ارتبط، من ناحية، بالفكرة المثالية عن أشكال قبلية للوعي، وهي فكرة كفلت أساسا للنزعة اللاأدرية، وارتبط – من ناحية أخرى – بالادراك الموضوعي المثالي للطبيعة التي تتجاوز الأفراد في هذه الأشكال. وترتيبا على هذا، فإن الاتجاه المثالي الذاتي قد ساد في فلسفة فيخته بينما ساد الاتجاه المثالي الموضوعي في فلسفة شيلنغ، وبصفة خاصة في فلسفة هيغل، واضع المذهب الشامل في المثالية الجدلية. ولقد كان تطور المثالية بعد انقسام المدرسة الهيغلية نتيجة لتخلي البورجوازية عن دورها الاجتماعي التقدمي ومحاربتها لفلسفة المادية الجدلية. وقد ظهرت تعاليم كثيرة تقف "بين"، بل يقال "فوق" المادية والمثالية (أنظر الوضعية والواقعية الجديدة). وزادت قوة التيارات اللاأدرية واللاعقلانية وعدم الإيمان بالعقل الانساني وبمستقبل الانسانية. وأدت الأزمة العامة للرأسمالية إلى انتشار أشكال من المثالية مثل الوجودية والوضعية الجديدة، وأدى السبب نفسه إلى إحياء عدد من مدارس الفلسفة الكاثوليكية، وفي المحل الأول منها التوماوية الجديدة. هذه هي الاتجاهات الثلاثة الرئيسية للمثالية في منتصف العشرينات من هذا القرن، إلا أن تفتت المثالية إلى مدارس تابعة صغيرة لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا. والأسباب الاجتماعية الرئيسية لتنوع أشكال المثالية المعاصرة (أنظر المذهب الظواهري)، والواقعية النقدية والشخصانية والذرائعية (البراجماتية)، وفلسفة الحياة، هي تحلل الوعي البورجوازي والرغبة في دعم "الاستقلال" الموهوم للفلسفة المثالية عن القوى السياسية للإمبريالية. ومن ناحية أخرى تدور عملية عكسية، هي عملية "تقارب"، بل عملية "تهجين" للاتجاهات المختلفة للمثالية المعاصرة، على أساس من موقفها المشترك المناهض للاشتراكية. وقد وضع لينين الأساس العلمي للدراسة النقدية للأشكال المعاصرة للمثالية في كتابه « المادية التجريبية النقدية » وفيه قدم تحليلا ماركسيا، ليس فقط لنوع من الوضعية تمثله فلسفة ماخ، بل أيضا للمضمون الرئيسي لكل الفلسفات البورجوازية في عصر الاستعمار.
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاقسام
- الرسائل والاطاريح
- دواوين شعر عراقي
- دواوين شعر عربي
- روايات عالمية
- روايات عراقية
- روايات عربية
- كتب ادب عالمي
- كتب ادب عربي
- كتب استشراق
- كتب اقتصاد
- كتب التراث السني
- كتب التراث الشيعي
- كتب الجغرافية
- كتب المعتزلة
- كتب تاريخ
- كتب تنمية بشرية
- كتب سياسة
- كتب سيره ومذكرات وتراجم
- كتب سينما وفنون واعلام
- كتب طب بشري
- كتب طب بيطري
- كتب علم النفس والاجتماع
- كتب علوم
- كتب فكر وثقافة
- كتب فلسفة ومنطق
- كتب قانون
- كتب مقارنة الاديان
- كتب موارد بشرية
- موسوعات ومعاجم
الأخيرة$type=list-tab$date=0$au=0$c=5
- ديوان شعر عراقي (1)
- ديوان شعر عربي (2)
- روايات عالمية (1)
- روايات عراقية (1)
- روايات عربية (2)
- كتب أدب عالمي (1)
- كتب أدب عربي (1)
- كتب اقتصاد (1)
- كتب التراث السني (1)
- كتب التراث الشيعي (1)
- كتب تاريخ (1)
الردود$type=list-tab$com=0$c=4$src=recent-comments
الشائعة$type=list-tab$date=0$au=0$c=5$src=random-posts
ديوان شعر عراقي
(1)
ديوان شعر عربي
(2)
روايات عالمية
(1)
روايات عراقية
(1)
روايات عربية
(2)
كتب أدب عالمي
(1)
كتب أدب عربي
(1)
كتب اقتصاد
(1)
كتب التراث السني
(1)
كتب التراث الشيعي
(1)
كتب تاريخ
(1)
ليست هناك تعليقات: