تعاليم في نظرية المعرفة، تذهب إلى أنه لا يمكن إستنباط الكلية والضروره – وهما الصفتان الملازمتان المنطقيتان للمعرفة الحقة – من التجربة وتعميمها، إنما يمكن استنباطهما فقط من العقل نفسه: إما من مفاهيم فطرية في العقل (نظرية الأفكار الفطرية عند ديكارت، أو من مفاهيم لا توجد إلا في شكل إستعدادات مسبقة في العقل. وتؤثر الخبرة تأثيرا معينا على مظهر هاتين الصفتين، ولكن طابع الكلية المطلقة والضرورة المطلقة تعطيه لهما التجربة السابقة وأحكام العقل أو أشكال أولية مستقلة إستقلالا مطلقا عن الخبرة. وبهذا المعنى فإن المذهب العقلاني قد ظهركمحاولة لتعليل الخصائص المنطقية للصدق الرياضي والعلم الطبيعي الرياضي. وكان ممثلوه في القرن السابع عشر ديكارت وسبينوزا ولايبنتز، وفي القرن الثامن عشر كانط وفيخته وشلنغ وهيغل. ويكمن قصور المذهب العقلاني في انكاره للقضية القائلة بأن الكلية والضرورة ظهرتا عن طريق الخبرة. ويضفي المذهب العقلاني صفة المطلق على الطبيعة التي لا تنازع لهاتين الصفتين المنطقيتين، ولا يعترف بجدل إنتقال المعرفة من الكلية والضرورة الأدنى إلى الكلية والضرورة الأعلى والمطلقة وقد تغلبت على هذا التصور في المذهب العقلاني الفلسفة الماركسية التي تبحث المعرفة في وضعها مع الممارسة (أنظر المعرفة؛ والنظرية والممارسة.
الطابع العقلاني للفكر والنظرة العامة للعالم. وهو لا يشمل فحسب نظرية المعرفة، بل أيضا علم النفس وعلم الأخلاق وعلم الجمال. وفي علم الجمال يضع الاتجاه العقلاني في المعرفة الوظائف النفسية الذهنية فيرد الإرادة – مثلا – إلى العقل (سبينوزا)، وفي علم الأخلاق يعطى المكان الأول للدوافع العقلية والمبادئ العقلية للنشاط الأخلاقي، وفي علم الجمال يعطى المكان الأول للطابع العقلي (الذهني) للعمل الإبداعي. وفي جميع هذه الحالات فإن المذهب العقلاني يعني الإيمان بالعقل، وبحقيقة الحكم العقلي، وبقوة التدليل. وبهذا المعنى يتعارض المذهب العقلاني مع النزعة اللاعقلانية.
ليست هناك تعليقات: